BLFA

أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ.” (إرميا 3:31). ولأنه يُحب كل إنسان بحبه الأبدي، فلا تتغير مشاعره حسب تصرفات مَن يُحب. إنه يُحبك، حُباً أبدياً، بلا قيد أو شرط، يُحبك وأنت في خطيتك، يُحبك وأنت في تمردك، يُحبك في إدمانك، يُحبك في عنادك، يُحبك حتى وأنت لا تهتم بإرضائه. وهو يُحبك، ليس لصلاحك، ولكن لأن طبيعته الحُب. وكان قصده لك أن تتمتع بالحياة بها في مِلئها ووفرتها. “… أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.” (يوحنا 10:10)، إن قصده في حياتك أن تحيا بلا انزعاج، ولا مرض، ولا احتياج، ولا عجز من أي نوع، بلا فشل، ولا هزيمة، بلا شعور بالنقص، ولا الذنب، ولا الإدانة، بلا مشاكل زوجية، ولا انهيارات أُسرية. هذا هو فكر الإله فكما أن هناك حقائق علمية لا يمكن أن تُجادَل أو تُناقَش طالما أنها عُرفت بأنها حقيقة وليست نظرية،
مثل حقيقة الجاذبية الأرضية وغيرها، هناك أيضاً حقائق روحية ثابتة، مَن يُجادل فيها هو من يجهلها أو يجهل أعماقها. الحقيقة الروحية الثابتة الأولى هي: بلا جدال أن: الإله هو الحُب “… لأَنَّ الإله حُب.” (1 يوحنا 8:4) إن الإله الذي نعبده، ونخدمه، ونُريد أن يعرفه كل إنسان، هو الحُب. وليس فقط المُحِب أو الودود، ولكنه التجسيم لمعنى الحُب. فهو الحُب المُطلق الذي ليس فيه أي ظُلمة من البُغضة، ولأن طبيعته الحُب؛ فحُبه أبدي، “… حُب أَبَدِيّ
نقرأ في الإنجيل كما دونه القديس يوحنا في الإصحاح الثالث أنه، ذات يوم، أتى رجل دين مُتقدم إلى يسوع ليلاً مُتشوقاً للإجابة على هذا التساؤل الذي طالما أحنى كاهله “ماذا ينبغي أن أفعل لكي أرث الحياة الأبدية؟” وكانت الإجابة التي أذهلته ولم تخطر على باله: “لا عليك عمل أي شيء. لكن ينبغي أن تولد ولادة ثانية.” فتساءل وهو أكثر حيرة “كيف يولد الإنسان وهو شيخ؟” وهكذا بدأ السيد المسيح يُعلن له الحقائق الروحية الراسخة في أن الإنسان لا يمكن أن يُرضي الإله بصلاحه ولكنه عمل إلهي بالروح.
بلا جدال أن: الإنسان يُحاول دائماً أن يُرضي الرب، أو أن ينال رضاه هذا هو التدين حسب فكر الإنسان منذ بداية الخليقة، عندما أراد ابن آدم أن يُقدِّم قرباناً للإله يستحسنه، ولم تُقبَل قرابينه؛ إذ أراد أن يُقدم للرب قرابين ثمر يديه، أعماله الصالحة، وليس الباكورة كما أوصاهم الرب بواسطة آدم. ولكننا لا يمكن أن نُرضي الرب بأعمالنا الصالحة لأنها بالمقارنة مع قداسته وبره تُعتبر نجاسة (إشعياء 6:24). “لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْ لاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.” (أفسس 9:2). الحقيقة الروحية الثابتة الرابعة هي: بلا جدال أن: الإله هو العدل كما إنه هو الحُب المُطلَق، هو أيضاً العدل المُطلَق، ولا يمكن أن يجمع صفتين مُتناقضتين معاً، فيكون الحُب والبُغضة، أو العدل والظُلم، والمُحاباة. وإن كان في حُبه أراد للإنسان أن يحيا الحياة في مِلئها براحة، فهو أيضاً في عدله شرَّع قانوناً لا يُنقَض: أن ثمن عصيان وصيته هو الموت، والانفصال الكامل عن حضوره، وشركته، وحُبه، وصلاحه. ليس بمعنى أن الرب ابتعد، ولكن الإنسان هو الذي ضلَّ وزاغَ، فأصبح الإنسان في ورطة وأزمة روحية. كيف إذاً تتواصل شركته مع الإله الحُب مرة أخرى؟ كيف يُمكنه أن يُرضي هذا الإله القدوس، وكل أعماله الصالحة قاصرة عن أن تؤهله للرضا الإلهي؟
الحُب نحو الإنسان، هذا هو فكره من جهتك أنت، أن تحيا في الراحة. الحقيقة الروحية الثابتة الثانية هي: بلا جدال أن: الإنسان لا يحيا تلك الحياة “أَيَّامُ سِنِينَا … أَفْخَرُهَا تَعَبٌ وَبَلِيَّةٌ…” (مزمور 10:90) هذا ليس لأن إرادة الرب أن يحيا الإنسان هكذا، ولم يُكتب عليه هذه النوعية من الحياة الشقية والبائسة، ولم يُقدر له أن يحيا في تعب وبلية. إن أول يوم وُجِدَ فيه الإنسان على الأرض عند خلق آدم، كان اليوم السابع؛ يوم السبت؛ يوم الراحة. وكان هدف الرب وقصده للإنسان أن يعمل في الأرض براحة دون قلق ولا انزعاج ولا نزاع، ولكن بسبب تمرد الإنسان على الإله، واختياره بمحض إرادته أن يسلك في طريقه، وحتى أن يُرضي الرب بفكره وطريقته، وليس حسب فكر الرب؛ دخلت الخطية بآدم إلى العالم وبالخطية دخل الموت (رومية 12:5). “لأَنَّ أُجْرَةَ (ثمن) الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ …” (رومية 23:6). وتبعياتها ومسبباتها من الأمراض، والكوارث البيئية، والحوادث، والمشاكل الأُسرية، والانهيارات الزوجية، وغيرها، المؤدية إلى الموت. الحقيقة الروحية الثابتة الثالثة هي:
يعتقد البعض، خطأً، أن المسيح ابن مريم قد أتى لإرساء دين جديد، ويعتقد البعض، خطأً، أن المسيح ابن مريم هو فقط لمجموعة بذاتها من البشر. إن المسيح ابن مريم هو العلاج الإلهي لمُعضلة خطية الإنسان – في كل مكان وزمان. “لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً (يسوع – الإله الظاهر في الجسد)، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ الإله فِيهِ (يسوع).” (1 كورنثوس 21:5) “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ الإله الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ (يسوع)، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (الطبيعة الإلهية التي تكره الخطية)” (يوحنا 16:3). “وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ الإله، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.” (يوحنا 12:1). “وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ (تصديق ما قاله) لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ.” (عبرانيين 6:11)
حُبه المُطلَق وكذلك يُحقق عدله المُطلَق؛ بأن يموت آخر عن الإنسان. ــ وإن كان الحل في إنسان آخر، فلا بد أن يكون إنسان كامل وبار، بلا خطية. ولكن لا يمكن أن يكون نسل آدم إلا خُطاة، إذ الجميع أخطأوا وقصروا في الوصول إلى المجد الإلهي (رومية 23:3). لذلك، كان عليه أن يكون نسل المرأة فقط، ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الإله (يوحنا 13:1). فكان يسوع المولود من العذراء بلا خطية، ولم يوخزه الشيطان بالشر. ــ وإن كان إنساناً عادياً، حتى لو كان من عذراء وخالياً من وخزة الشيطان، فستكون صلاحيته تنفيذ العقوبة والقضاء الإلهي لإنسان واحد فقط؛ لذلك لابد وأن يكون كائناً غير محدود، بلا خطية، مُمتلئ حُباً للإنسان؛ ليرضى أن يبذل نفسه من أجل أحبائه. عظيم هو هذا السر – السر الإلهي الذي أظهره للإنسان حتى يُمكِّنه أن يحيا بالطريقة الإلهية – الإله ظهر في الجسد (1 تيموثاوس 16:3). ودُعي اسمه يسوع لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم (متى 21:1)، فوُضِع على يسوع إثم جميعنا (إشعياء 6:53). وهكذا أتينا إلى … الحقيقة الروحية الثابتة الخامسة وهي: بلا جدال أن: المسيح هو الحل لمُعضلة خطية الإنسان
فأتينا إلى العلاج الإلهي الذي جعل الرحمة والحق يلتقيا، والبر والسلام يتلاثما (مزمور 10:85). لأنه بالجَهد يموت إنسان من أجل بار، ولكن الإله بيَّن حُبه لنا، لأنه ونحن بعد خُطاة، مات المسيح لأجلنا (رومية 8:5). كان لابد أن يتحقق القضاء الإلهي على الإنسان، بعد أن اختار أن ينفصل، ليس فقط وفقاً لطبيعته الساقطة الموروثة من آدم، بل أيضاً وفقاً لاختياره وقراره الشخصي أن يسلك طريقه سواء في الخطية، أو في طريقة إرضاء الرب. فمال كل واحد إلى طريقه (إشعياء 6:53). ولأن الإله هو الحُب، الذي يعشق الإنسان، ويستمتع بالشركة معه؛ قام بالمُبادرة للوصول إلى الحل الذي يُرضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *